- الخلاص الهمجي, الفيلم, المشاركة, دي نيرو, مشاهير وموضة
- 0 Comments
- 1077 Views
عُرض أخيرا فيلم أميركي بعنوان “الخلاص الهمجي” (Savage Salvation)، من بطولة روبرت دي نيرو وجون مالكوفيتش والممثل المغمور جاك هيوستن. وظهر الفيلم واختفى في لمحة عين، من دون أن يحقق إيرادات كبيرة أو صغيرة. صفحته على موقع “روتن توماتوز” (Rotten Tomatoes) لا تحتوي سوى على رأي الجمهور الذي منحه تقييما بلغ 26% فقط، في حين أحجم النقاد عن تقييمه، وعلى موقع “آي إم دي بي” (IMDb) -المتخصص في السينما- حقق معدل 4.6 من 10، وفق تقييم ألف مشاهد فقط.
ثمة علامات استفهام عدة على فيلم “الخلاص الهمجي”؛ منها لماذا اشترك نجم فائز بأرفع الجوائز -مثل روبرت دي نيرو- وآخر مقدَّر للغاية -مثل جون مالكوفيتش- في عمل يبدو متواضعا لهذه الدرجة؟
“الخلاص الهمجي”.. سيناريو من العبث!
تدور أحداث فيلم “الخلاص الهمجي” في إحدى المدن الأميركية الصغيرة، وفيه نتعرف على جون شلبي (جاك هيوستن)، مدمن على المخدرات ويعمل في أحد المصانع، وتتحول حياته بشكل جذري عندما يطلب يد حبيبته روبي (ويلا فيتزجيرالد)، ويقرران الإقلاع عن الإدمان وبدء حياة جديدة، وبالفعل يقومان بذلك حتى يضغط أحد تجار المخدرات على الفتاة، وهي وحيدة، خادعا إياها بأن جون عاد إلى الإدمان مجددا، فتموت بسبب جرعة زائدة.
بعد موت خطيبته، يقرر شلبي الانتقام من كل شخص أسهم في موتها، ويبدأ بتتبع كل فرد من سلسلة توزيع وبيع المخدرات، من الأسفل إلى الأعلى، تاركا خلفه حمام دم في كل أرجاء البلدة، فيطارده المأمور شرشر (روبرت دي نيرو) قبل أن يزداد العنف ويقضي على نفسه في خضم رحلة الخلاص الهمجي هذه.
قصة الفيلم عبثية للغاية؛ فما الغرض من تتبع سلسلة موزعي المخدرات هذه وقتلهم؛ ففي النهاية لن يستطيع فرد واحد القضاء على هذه التجارة المنتشرة للغاية في الولايات المتحدة. لكن حتى وإن تغاضينا عن الدافع غير المعقول؛ فإن تقسيم السيناريو ذاته كان غير منطقي بالتمهيد للحدث المحوري للفيلم ورحلة الانتقام التي استغرقت أكثر من 40 دقيقة، ومن دون تأسيس حقيقي لأي من الشخصيات، سواء البطل أو البطلة أو المأمور. فخلال هذه الفترة، تابع المشاهد فقط رحلة الخطيبين في التخلص من المخدرات، مع محاولة إضفاء الشاعرية على العلاقة.
لو وضعنا ذلك جانبا، نجد أن هناك عائلة كاملة ظهر أفرادها في بداية الفيلم، وهي أقارب الفتاة روبي، ومنهم زوج أختها جون مالكوفيتش، ولم يكن لهم أي حضور بعد ذلك في الأحداث، وكذلك بالنسبة لقدرات البطل الجسدية وخبرته في التعامل مع الأسلحة ومجابهة أعتى تجار المخدرات ببساطة.
ترافق هذا السيناريو العبثي مع إخراج متواضع من المخرج راندال إيميت في ثاني أعماله الإخراجية، بعد فيلمه “منتصف الليل في النجيل” (Midnight in the Switchgrass) الذي شكل كذلك لغزا محيّرا لمحبي السينما، بسبب اشتراك الممثل المخضرم بروس ويليس في عمل متواضع لهذه الدرجة، فحصل على تقييم 8% فقط على موقع “روتن توماتوز”، ولم يحضر نجومه عرضه السينمائي الأول.
مسيرة ناصعة ونقاط سوداء
يحظى روبرت دي نيرو بالإعجاب كواحد من أفضل المواهب التمثيلية في الفن السابع، لامتلاكه قدرة غير عادية على تجسيد أكثر شخصيات الأفلام رسوخا في الذاكرة، من جاك لاموتا في فيلم “الثور الهائج” (Raging Bull)، أو فيتو كورليوني الشاب في الجزء الثاني من “العراب” (The Godfather)، أو أفلامه المختلفة مع رفيق رحلته الفنية مارتن سكورسيزي، ليصبح أحد أبرز الشخصيات في تاريخ السينما.
نجح دي نيرو خلال عقود عدة في التلوّن وتقديم أدوار مختلفة واختيارات ذكية، حتى في أفلام غير أيقونية، مثل فيلم “المتدرب” (The Intern)، وهو فيلم كوميدي يلعب فيه الممثل دور متقاعد يبلغ من العمر 70 عاما ويصبح متدربا في شركة تجارة إلكترونية جديدة للأزياء تديرها آن هاثاواي. هنا، لسنا في شخصية بمستوى فيتو كورليوني، ولكن الفيلم استطاع الوصول إلى الجماهير والنقاد بذكاء السيناريو وجاذبية دي نيرو.
وعلى مدار العقد الماضي أو نحو ذلك، ظهر روبرت دي نيرو في عدد من الأفلام التي لا تستفيد بالضرورة من مواهبه. في الواقع، عندما ينظر المرء إلى المساحة الواسعة لمسيرته التي بلغت أكثر من 95 فيلما، فإنه يلاحظ أن روائعه كانت في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، في حين شهدت مسيرته المهنية انقطاعا كبيرا في القرن 21.
وبين الأفلام المتوسطة، تقبع مجموعة من الأفلام المتواضعة للغاية، منها “الجد القذر” (Dirty Grandpa) عام 2016 الذي حصل على تقييم 10% على موقع “روتن توماتوز”.
يُعد فيلم “الخلاص الهمجي” واحدا من الأعمال التي يمكن وضعها في قوائم أسوأ أفلام روبرت دي نيرو. وبعيدا عن المستوى المتواضع للفيلم، فإن الدور الخاص به كان ضئيلا للغاية، مقارنة بالمساحة التي استحوذ عليها الممثل المغمور جاك هيوستن، مع محاولة وحيدة لإضفاء بعض الإنسانية على الشخصية الأحادية بالتلميح إلى علاقة صداقة بين ابن المأمور تشرش والبطل جون شلبي تجعله يتمنى نجاة المنتقم ويسعى إلى إنقاذه من نفسه.
تتعرّض مسيرة أي ممثل لكبوات جراء اختيارات سيئة، وروبرت دي نيرو ليس منزّها عن ذلك، وينتظر الجمهور هذا العام عودته بفيلمه الأحدث مع مارتن سكورسيزي “قتلة زهرة القمر” (Killers of the Flower Moon) الذي سيشاركه بطولته النجم ليوناردو دي كابريو. أما فيلم “الخلاص الهمجي” فلن يصبح بعد سنوات قليلة سوى نقطة سوداء في مسيرة ستظل أسطورية.