قال أستاذ علوم الأرض والمحيطات في جامعة فيكتوريا الكندية الدكتور إدوين نيسن، إن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، كان أحد أكبر الزلازل التي سُجلت على اليابسة، مؤكدا أن هذا النوع من الزلازل المدمرة تحدث عادة في المحيطات وليس على اليابسة.
وأضاف العالم الكندي في مقابلة مع الأناضول أن الزلزال لم يكن متوقعا رغم بيانات تركيا الغنية التي تعود بعضها إلى ألف عام، كما أن مثل هذا الزلزال الضخم عادة لا يتكرر إلا كل 100 عام.
وفجر السادس من فبراير/شباط الجاري ضرب زلزال جنوب تركيا وشمال سوريا بلغت قوته 7.7 درجات، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات ومئات الهزات الارتدادية العنيفة، مما أدى لمقتل أكثر من 36 ألف إنسان وإصابة أكثر من 90 ألف آخرين.
وفي اليوم التالي للزلزال أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر في الولايات المتضررة. بينما أعلن الدفاع المدني التابع للمعارضة السورية شمال سوريا منطقة منكوبة.
أكبر الزلازل
وفي تقييمه للزلزال الأخير، قال نيسن إن الزلزال الأول الذي بلغت قوته 7.7 درجات يعد من أكبر الزلازل على اليابسة التي تم تسجيلها على الإطلاق.
وأضاف أنه ربما من بين أكبر 5 أو 10 زلازل تحدث على اليابسة، لذلك فقد تسبب بأضرار كبيرة في البنى التحتية والفوقية في المناطق السكنية المجاورة.
ولفت إلى أنه بعد زلزال عام 1939 الذي ضرب صدع شمال الأناضول وأودى بحياة أكثر من 30 ألف شخص، فإن زلزال 2023 هو الأكثر فتكا في تاريخ تركيا.
و”فالق شرق الأناضول” أو “صدع شرق الأناضول”، مصطلح يشير إلى منطقة التلاقي بين صفيحة اليابسة العربية والأفريقية وصفيحة أوراسيا.
وعن الزلازل التي حدثت في منطقة صدع شرق الأناضول في الماضي، ذكر نيسن أن قوتها راوحت ما بين 6.8 و7 درجات.
وأوضح أن زلزالا بقوة 6.8 درجات يكون أصغر بـ 30 مرة من زلزال بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر، وذلك بالنظر إلى الطاقة المنبعثة.
غير متوقع
وعن إمكانية توقع الزلزال الأخير، قال نيسن إنه لم يتوقعه العديد من علماء الزلازل، رغم أن تركيا تمتلك بيانات زلزالية غنية يرجع تاريخ بعضها إلى ألف عام، لكن لم يتوقع أحد وقوع الزلزال في هذه المنطقة.
وأوضح أن الزلازل التي تبلغ قوتها أكثر من 7 درجات في صدع شرق الأناضول، ربما حدثت في القرن الـ20 وما قبله، لكن هذا الزلزال كان مفاجئا وغير متوقع.
ونوه إلى أن الصفيحة الأناضولية تتعرض لضغوط تكتونية من قبل الصفيحتين العربية والأوراسية، إذ يجري دفع الصفيحة الأناضولية باتجاه الغرب، أي أن كل شيء بين صدعي شمال وشرق الأناضول يتم دفعه باتجاه الغرب.
ووفق نيسن، فإن هذه الحركة يمكن أن تتسبب في حدوث زلازل كبيرة مثل الزلزال الأخير كل 100 عام أو أقل.
ظروف صعبة
وعن أسباب ارتفاع خسائر وضحايا الزلزال، أشار الخبير الكندي إلى اجتماع عدد من الظروف التي ساهمت في ذلك، مشيرا إلى مقولة منتشرة بين علماء الزلازل، مفادها أن “المباني هي التي تقتل السكان وليس الزلازل”.
وأوضح أن الأبنية غير المؤهلة، إضافة إلى وقوع الزلزال ليلا، وفي منتصف فصل الشتاء، فاقم الكارثة، وزاد من أعداد الضحايا.
وأكد أن المباني في منطقة الزلزال ما كان لها أن تتحمل هذه الهزات القوية، فضلا عن أن مدة الاهتزاز الطويلة أيضا زادت من حجم الدمار.
وبيّن أن قوة الزلزال، واستمرار الهزة لمدة دقيقة تقريبا وفق البيانات الصادرة عن المراكز ذات الصلة، أدت لاهتزاز المباني بطريقة عنيفة.
واستدرك “كان بإمكان المباني تحمل الهزات المذكورة حال استمرارها لمدة 10 ثوان، ولكن استمرارها لدقيقة كاملة أدى إلى انهيارها”.
وأشار نيسن إلى أن تركيا من البلدان التي تمر بها صدوع زلزالية خطيرة ونشطة، وأن أماكن قليلة فقط في البلاد ليست معرضة لخطر الزلازل الكبيرة.
صفيحة متحركة
وفيما يتعلق بتحرك الأرض في منطقة الزلزال، أشار نيسن إلى أن معظم مناطق تركيا تقع على الصفيحة الأناضولية التي تتحرك غربا بسبب الضغط والحركة التكتونية في الشمال والجنوب، وهي التي تسببت في حدوث الزلزال الأخير.
وأضاف أنه في حال حدوث زلزال كبير، يتحرك خط الصدع المكسور بضعة أمتار، تعتمد على حجم الزلزال.
لذا فإن الزلزال الأخير تسبب بحدوث كسر على طول الصدع قد يبلغ طوله حوالي 300 كيلومتر، ومتوسط الحركة قد يكون حوالي 3 أمتار، وفق نيسن.
وأوضح أن هذه المسافة قد تختلف على طول الصدع، وهذا ما أكدته صور السكك الحديدية والطرق السريعة المتضررة.
والثلاثاء الماضي، قال كارلو دوغليوني رئيس المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء والبراكين، إن زلزال تركيا حرك البلاد (لوحة الأناضول) 3 أمتار نحو الغرب، وإنه وقع في أحد خطي الصدع الزلزالي اللذين يمران في تركيا.