- اقتحام, بنات عبدالرحمن, فيلم اردني, كشف المستور, مشاهير وموضة, واقع الاسرة
- 0 Comments
- 1451 Views
عمّان- أثار فيلم “بنات عبد الرحمن” ضجة واسعة على منصات التواصل عقب طرحه مواضيع “جريئة” تضمنت شتائم وألفاظا نابية، كما أنه حقق نجاحا نقديا وحصل على 4 جوائز قدمها الجمهور في 4 مهرجانات دولية هي: مهرجان سينما وثقافة الشرق الأوسط المعاصرة في فلورنسا، و مهرجان إسبينيو السينمائي للمخرجين الجدد والعمل الأول بالبرتغال، ومهرجان الفيلم العربي في سان دييغو بأميركا، بالإضافة إلى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي حيث شهد عرضه العالمي الأول.
وأثار الفيلم الأردني جدلا كبيرا في الصحافة العربية والأردنية بوجه خاص حيث يخترق “بنات عبد الرحمن”، لمخرجه وكاتبه زيد أبو حمدان، بيوتًا مغلقة وينكش في علاقات أسرية يحرص أصحابها على بقائها وراء الجدران، لأن ثقافتهم المجتمعية والعادات المتوارثة لا تسمح بتسريب أي معلومة خارج إطار الأسرة الواحدة.
تدور أحداث الفيلم حول 4 شقيقات، كل واحدة منهن لها حكاية، لديهن ميولهن ومزاجهن وفلسفتهن الحياتية المختلفة، إلى درجة التضاد، وتتّسم طرق تعاملهن مع الآخرين بفقدان الاحترام، وذلك يجعل علاقتهن مع بعضهن بعضًا تتأرجح بين مد وجزر.
وحسب تسلسل الأحداث التي صُوّرت في أحد أحياء عمّان الفقيرة، فضلت البنت الكبرى (الممثلة فرح بسيسو) العيش مع والدها الذي يشكو مرض الزهايمر وخدمته، عرفانًا بعاطفة الأبوة، على حساب مستقبلها وأحلامها كفتاة تحلم بالحبيب والزوج وعاطفة الأمومة، في حين كان نصيب الثانية (صبا مبارك) الزواج برجل متشدّد دينيا (الممثل أحمد سرور) أنجبت منه، وبعد فترة طلبت الطلاق، لكن والدها (الممثل والمخرج خالد الطريفي) كان قاسيًا في التجاوب مع رغبتها في الانفصال: “تعالي مقطّعة بشوال، ولا ترجعي لي مطلقة”.
وهذا بطبيعة الحال يعكس الصورة السوداوية للمطلقات -كما يراها صنّاع العمل- ونظرة الناس عمومًا إلى المطلقة التي “تعيش لقمةً في أفواه القريب والبعيد” ويحسبون عليها أي حركة ويحاصرونها بالقيل والقال، ظلمًا وجورًا.
والابنة الثالثة (الممثلة حنان الحلو) متزوجة برجل ثري، لكن علاقتهما مضطربة وغير سوية، وهو ما حوّل حلمها بإنجاب الأطفال إلى كابوس، فتحاول الهرب من تعاستها بالسهر في الملاهي.
أما الرابعة (الممثلة مريم الباشا) فقد هاجرت مع رجل غريب إلى دبي حيث عاشت معه في بيت واحد تحت مبرّر “المساكنة”، وقد أثار ذلك لغطًا واسعًا في أوساط المجتمع الأردني المحافظ إلى درجة المطالبة بوقف عرض الفيلم، بحجة حماية الأسرة من هذه الطروحات الغريبة والدخيلة.
والفيلم، كما قال مخرجه وكاتبه زيد أبو حمدان لوسائل الإعلام، يمثل “صورة واقعية لما حدث بين أمّه وشقيقاتها، وينسحب على أسر أردنية كثيرة. فالجفاء بين الشقيقات موجود وقد يصل إلى حد القطيعة، لكن لا يبرّر البعض المجاهرة به فنيا. وهؤلاء يتجاهلون أن كثيرا من الكلمات والتلميحات استُخدمت على خشبات مسارحنا وقوبلت بالضحكات العالية”، مشيرًا إلى أن تصوير الفيلم استغرق 9 سنوات.
وعلى الرغم من حالة التنافر بين الشقيقات، فإنهن يلتقين في رحلة البحث عن الأب المفقود، متجاوزات غياب التناغم. وهذا ينسجم ومقولة شعبية متداولة مفادها أن “الأب أو الأم يجمع ولا يفرق”.
يمثل الفيلم معالجة درامية لمسألة النساء في الفن السابع، قد لا تروق لبعض الناس، وخصوصًا في ما يتعلق بالحوار بين الشقيقات واستخدامهن مفردات “غير مناسبة للذوق العام”، بينما يبرر صناع الفيلم أنها تتردّد كثيرًا على أرض الواقع.
رؤية جديدة
الناقد السينمائي ناجح حسن يصف “بنات عبد الرحمن” بأنه رؤية جديدة في السينما الأردنية، وقد انحاز إلى المرأة داخل أكثر من بيئة، ويشكل معالجة جريئة لموضوع المرأة في السينما العربية.
ويضيف حسن -للجزيرة نت- أن جمهور السينما تفاعل مع الفيلم الذي يصوّر الفروق بين الشقيقات، وأن بعض المفردات أو العبارات التي وردت على لسان أبطاله خرجت عن المألوف للمشاهد المحلي الذي تابع الدراما التلفزيونية أو شاهد الفيلم عبر جهازه الخاص، لكنها ليست ذات أهمية لدى المتلقي الذي شاهده في صالة السينما أو في مناسبات ثقافية كالمهرجانات.
ومن وجهة نظره، فإن المنصّات تؤدي دور الشاشات في البيت، وكثيرًا ما يجري تداول ألفاظ تخدش حياء الأسرة المتحلّقة، بينما يذهب المشاهد إلى السينما ويدفع تذكرة دخول مع وجود تحذيرات بأن الفيلم موجّه لأعمار محددة.
ولا يرى حسن مسوّغًا لمنع عرض الفيلم في صالات السينما الأردنية، “لكن على صناع الأفلام أن يتفهّموا البيئة الاجتماعية ويحرصوا على أنه ليس من البطولة استخدامُ كلمات تخدش حياء المتلقي، وكان من الأفضل استبدالها عبر توظيف مفردات اللغة السينمائية والدرامية من دون مخاطبة المتلقي مباشرة بألفاظ سوقية”.
سينما تقتحم المسكوت عنه
يصف الناقد مجدي التل “بنات عبد الرحمن” بأنه خطوة متقدمة باتجاه صناعة سينما أردنية تتناول قضايا اجتماعية عميقة، وخصوصًا تلك المسكوت عنها أو التي يحاول المجتمع تجنب تسليط الضوء عليها أو الاعتراف بوجودها.
ويقول للجزيرة نت “في مجتمعاتنا العربية عمومًا والأردنية خصوصًا، هناك قضايا كثيرة تدخل في إطار التابوهات الثلاثة المحرمة (السياسة والدين والجنس)، فضلًا عن تابوهات يصنعها المجتمع تجنبًا للحفر في قضايا وإشكالات قديمة أو مستجدة، وكأننا نعيش في المدينة الفاضلة”.
ويرى أن على الدراما التلفزيونية أن تنقل الواقع باختلاف بسيط عن السينما التي يذهب إليها المشاهد باختياره، “فالشاشة الفضية (التلفزيون) يشاهدها جميع أفراد الأسرة، وهنا يجب مراعاة العرف والقيم لدى المجتمع. أما في السينما فإن الشخص يختار ما يرغب في مشاهدته”، على حد قوله.