المهرجانات الدولية بالسعودية.. كيف أثرت في الحياة الفنية بالمملكة؟

الدوحةـ على مدار السنوات الماضية استضافت المملكة العربية السعودية العديد من المهرجانات الفنية والسينمائية رغبة منها في إثراء صناعة السينما في البلاد ودعم المواهب الشابة، فضلا عن دعم المبادرات الإستراتيجية الرامية لتطوير هذا النوع من الصناعة وتسريع نموها، من خلال عرض الإبداعات السينمائية من جميع أنحاء العالم.

وساعدت استضافة المهرجانات في المملكة ـوفق نقادـ على إنتاج جيل جديد من الفنانين السعوديين من خلال احتكاكهم بنجوم الفن العالميين والعرب الذين يتم استقطابهم بهذه المهرجانات، أو عبر إشراكهم في أعمال فنية ذات حضور دولي وإقليمي.



ويعد مهرجان “أفلام السعودية” واحدا من المهرجانات الفنية المهمة التي أطلقتها الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، كمبادرة محلية تهدف لتطوير وإثراء صناعة الأفلام السعودية.

ويحتفي المهرجان سنويا بأحدث الأفلام الإبداعية فضلا عن برامج تدريبية للفنانين ومسابقات وبرامج عامة، كما يتضمن عروضا مختلفة للأفلام، بجانب توفير منصة لشركات الإنتاج والمنتجين وصنّاع الأفلام لعرض مشاريعهم.

نجوم عالميون وعرب

أما مهرجان البحر الأحمر السينمائي، فقد أقيمت دورته الأولى في العام 2021 بمدينة جدة وشهدت عرض 138 فيلما من 67 بلدا بـ 34 لغة، إلى جانب حضور العديد من المشاهير والنجوم العالميين والعرب.

كما شهدت النسخة الثانية من هذا المهرجان -التي أقيمت في ديسمبر/كانون الأول الماضي تحت شعار “السينما كل شيء”- مشاركة 131 فيلما من الأفلام الطويلة والقصيرة من 61 بلدا، عبر 41 لغة.



أما موسم الرياض فيعدُ من أهم وأضخم المهرجانات الفنية في المملكة العربية السعودية، ويشهد تنظيم مئات الفعاليات الفنية وتشمل أفلام سينما، وعروضا مسرحية وحفلات الغناء بالإضافة إلى استقطابه لنجوم عالميين وفعاليات فنية ضخمة.

وانعكاسا لذلك فقد شهدت سوق السينما السعودية نموا متسارعا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وباتت محط أنظار المستثمرين في القطاع، وسط توقعات بتحقيق عائدات شباك تذاكر تتجاوز مليار دولار بحلول عام 2030.

وحققت دور العرض السينمائي السعودية نموا في إيراداتها بنسبة 9.47% في عام 2022، مسجلة نحو 240 مليون دولار، مقارنة بإيرادات وصلت إلى 232 مليون دولار سنة 2021.

كما زاد عدد تذاكر السينما المباعة إلى أكثر من 14 مليون تذكرة خلال 2022، في مقابل 13 مليون تذكرة خلال 2021، وفق بيانات الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع.

الهوية السعودية

وتعليقا على أهمية ودور هذه المهرجانات في إثراء الحياة الفنية بالمملكة، تقول الفنانة والمخرجة السعودية هند الفهاد إن ما تشهده المملكة من حراك فني ومجتمعي يأتي في إطار التحول الكبير الذي تشهده السعودية خلال السنوات القليلة الماضية.

وتضيف الفهاد، في تصريح للجزيرة نت، أن تنظيم واستضافة المملكة لعدد مهم من المهرجانات والفعاليات الفنية والسينمائية له انعكاس كبير على المستوى الاقتصادي والثقافي أو الاجتماعي إلى جانب التأثير الفني، لافتة إلى أن هذه الفعاليات تسهم في إنتاج وتقديم العديد من الأعمال التي تساعد على الترويج للهوية والبيئة السعودية والمجتمع بأطيافه واختلافاته.



دعم المواهب

ونوهت الفهاد إلى دور المهرجانات وانعكاساتها القوية على دعم الطاقات والمواهب السعودية وظهورها للنور من خلال حضور نجوم وفنانين مؤثرين وملهمين في صناعة السينما، وقالت “نحن بوصفنا سينمائيين وصنّاع ثقافة وفنون، تأثرنا واستلهمنا الكثير من مخرجين وفنانين كبار، فوجودهم بالسعودية سيسهل على المواهب الشابة التواصل والعمل معهم في مشاريع مشتركة”.

وأكدت أن ذلك سينعكس كثيرا على المخرجات وتطوير الكوادر السعودية وتأسيس بنية متينة وأرضية ثابتة لصناعة سينما مستمرة ومستدامة.

وشددت الفهاد على أن تمكين المواهب والطاقات السعودية، سيسهم أيضا في تسليط الضوء على القدرات الإبداعية للسعوديين، وفي تطوير مزيد من المحتوى المحلي، كما أنه سيعزز قدرة شركات الإنتاج الدولية على إيجاد متخصصين محليين، مما سيسهم في زيادة فرص العمل المحلية.

انفتاح فني وفكري

وتتوقع الفهاد أن تشهد المملكة خلال الفترة القادمة خروج العديد من المهرجانات للنور، في ظل وجود عدد من القصص والحكايا الفنية التي ستجعل من السعودية بيئة فنية حاضنة وفضاء إنتاج محلي بل وعالمي في ظل ما تشهده الساحة الفنية السعودية من أعمال سينمائية ضخمة.

من جهتها قالت الناقدة الكويتية سكينة مراد إن السعودية التي تحتل مكانة مهمة في العالمين العربي والإسلامي، تشهد حاليا انفتاحا أثر على المستوى الثقافي والفكري والاجتماعي والفني.



تسارع فني

وأوضحت سكينة مراد -في تصريح للجزيرة نت- أن التسارع الفني والفكري الذي تشهده السعودية أدى إلى تطور الحياة في المملكة، ولفتت إلى أنه في ظل الأزمة الاقتصادية التي مر بها العالم، تراجعت عملية الإنتاج الفني في بعض الدول وتحديدا العربية، لكن السعودية استطاعت أن تقف أمام ذلك، فاحتوت الفن، واستقطبت الكثير من الفنانين من الخارج، وأتاحت لهم الفرص للعمل والمشاركة في الاحتفالات والعروض والإنتاج الفني.

وأشارت إلى أن هذه المشاركات والاحتكاك المباشر بين الفنانين كان لهما أثر واضح على المجتمع وعلى الفن في السعودية، وتحديدا الفئة الشبابية، من ناحية تلاقي الثقافات المتعددة وتقديم العروض المتنوعة والاستفادة من الخبرات والاتجاهات الفنية الجديدة والانفتاح على كل ما هو جديد، وتوقعت أن يساهم ذلك في تطوير وإثراء الحركة الفنية والثقافية والإعلامية على مدى قريب.

وأكدت الناقدة الكويتية في الختام أن عملية الانفتاح التي شهدتها السعودية لفتت الأنظار نحوها، وأدت إلى جذب واستقطاب الكثير من السياح.



administrator

اترك تعليقا