- اصلاح كراسي ذوي الاعاقة, الاردني بشير سلامة, مبادرة
- 0 Comments
- 607 Views
عمّان – بين كرسي كهربائي وآخر يدوي يستخدمه ذوو الحاجات الخاصة للتنقل، يمضي الخمسيني بشير سلامة يومه في مشغله المخصص لصيانة الأجهزة الطبية والكراسي، في محاولة منه لإطالة عمر تلك الأجهزة واستدامتها لأطول مدة زمنية مجانا.
في غرفة صغيرة مكتظة بمعدات الإصلاح اليدوية، بدأ سلامة مشروعه المتخصص في عمليات صيانة الأجهزة الطبية والكراسي المتحركة منذ عام 2015. ومع زيادة الطلب على صيانة تلك الأجهزة، بدأ الرجل يدرّب على أعمال الصيانة فريقا من الراغبين من ذوي الإعاقة المرتادين لمقر “جمعية أهل العزم لذوي الحاجات الخاصة” في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين شمال العاصمة الأردنية عمّان.
وبمساعدة الفريق الفني المتخصص، الذي أطلق عليه اسم “فريق الهمم العالية”، وسّع سلامة عمليات الصيانة، وبدأ باستقبال أعداد أكبر من العربات من داخل مخيم البقعة والمدن والقرى المجاورة.
كما أنه يتنقّل وفريقه بسيارته الخاصة بين عدد من محافظات المملكة، بالإضافة إلى مستشفيات ومراكز طبية لتقديم خدمة الصيانة والتدريب، في محاولة لتقديم الخدمة لمحتاجيها من ذوي الإعاقة، والتخفيف عنهم وعن عائلاتهم من تكاليف صيانتها.
ووفق بيانات دائرة الإحصاءات العامة، تبلغ نسبة الأشخاص من ذوي الإعاقة في الأردن نحو 13%. وتتوزع هذه النسبة، بمختلف أنواع الإعاقات الحركية والسمعية والعقلية وطيف التوحد وغيرها، بين 43% للذكور و57% للإناث، 39% منهم تزيد أعمارهم عن 15 عاما، أما مستواهم التعليمي فأقل من الثانوية، في حين أن 33% من دون مستوى تعليمي.
صيانة وتدريب وتأهيل
يصف سلامة نفسه بأنه “من ذوي الإعاقة الحركية”، ومن هنا بدأت فكرة المشروع بعد معاناته الطويلة مع طرف صناعي يستخدمه للتنقل، ومعرفته الدقيقة والحقيقية بمعاناة ذوي الإعاقة في التنقل والحركة والعلاج وغيرها من متطلبات الحياة.
درس سلامة صيانة المعدات الطبية والأجهزة الإلكترونية والكهربائية. ومنها انطلق ليتخصص في أجهزة ذوي الإعاقة، دافعه لذلك “ارتفاع تكاليف صيانة تلك العربات، وحاجتها الدورية والدائمة إلى الصيانة”.
ويُقدّر سلامة تكاليف صيانة عجلات العربة الكهربائية بنحو 50 دينارا (نحو 70 دولارا) كل شهر، خصوصا أن التنقل على طرقات غير مهيَّأة لتلك العربات يؤدي إلى كسر عجلاتها والإضرار بها.
وإلى جانب الدورات التدريبية المتخصصة، يقدّم سلامة دروسا ومحاضرات لذوي الإعاقة وعائلاتهم في جمعيات خيرية ومراكز متخصصة بأصحاب الهمم الخاصة حول مهارات الصيانة اليومية للعربات الكهربائية واليدوية، بهدف صيانتها دوريا للحفاظ عليها واستدامتها لأطول مدة من خلال تفقّد العجلات والبطاريات والأسلاك وغيرها.
ويشكو سلامة وأقرانه من “ارتفاع أسعار وتكاليف العربات الكهربائية واليدوية والأطراف الصناعية والأجهزة الطبية التي يستخدمها ذوو الإعاقة”، فالعربة الكهربائية يبلغ سعرها نحو 1700 دينار (نحو 2400 دولار)، والطرف الاصطناعي (القدم) نحو ألف دينار (نحو 1410 دولارات).
وكل عام يحتاج ذوو الإعاقة طرفا أو عربة أو عكازا، لذلك يطالب سلامة بإعفاء هذه الأجهزة والأطراف من الضريبة وبيعها بأسعار تفضيلية، مراعاة لظروفهم الصحية وأوضاعهم المعيشية الصعبة.
ويكفل الدستور الأردني حماية حقوق ذوي الإعاقة، وضمن لهم حرية الاختيار والاستقلالية، والحق في المشاركة في صنع القرارات ووضع الخطط والبرامج المتعلقة بحياتهم، ويعدّهم شريحة مهمة من شرائح المجتمع، ويمنع التمييز بينهم بناء على نوع الإعاقة، أو على أي أساس آخر.
كما ينص الدستور على تساويهم مع غيرهم من الأفراد من فئات المجتمع في فرص العمل، والحفاظ على حقوق الأطفال من ذوي الإعاقة، سواء حق التعلم أو التأمين الصحي، وتوفير متطلبات الحياة الأساسية، وتطوير مهاراتهم.
أجهزة طبية وأكسجين
وإضافة إلى مشروع الصيانة، أطلق سلامة و”جمعية أهل العزم”، بالتعاون مع متطوعين، مبادرة لتوفير أجهزة طبية وأسطوانات أكسجين للمرضى، بحيث تتم إعارتها لمحتاجيها، خصوصا من ذوي الإعاقة، ومن دون أي مقابل مادي.
ووفرت المبادرة أجهزة لتوليد الأكسجين وأسطوانات معبأة به، وأسرة طبية كهربائية ويدوية، وفُرُشا طبية وكراسي متحركة، وعكازات وأجهزة لمساعدة المرضى وذوي الإعاقة الحركية على السير.
وتقدم الجمعية خدمات الصيانة والعناية لأكثر من 1300 مستفيد من ذوي الحاجات الخاصة في منطقة مخيم البقعة والمناطق المجاورة، كما تقدم لهم دورات تدريبية لتطوير قدراتهم ومهاراتهم، ودورات في الرسم والحرف اليدوية وقاعة ألعاب للأطفال المعاقين.
متنفس وعمل تطوعي
يقود طارق أبو حمدان (31 عاما) كرسيه الكهربائي متجها صوب الجمعية التي بدأ يرتادها قبل عام لصيانة عربته التي مكّنته من مغادرة بيته. يقول للجزيرة نت “مكثت في البيت أكثر من 29 عاما، لا أغادره إلّا بمساعدة أشقائي، وعندما حصلت على الكرسي الكهربائي بدأت أغادر المنزل لوحدي”.
بدأ أبو حمدان استثمار أوقات فراغه الطويلة في تعلم أعمال إصلاح الكراسي المتحركة والبطاريات الكهربائية المشغّلة لها، بهدف صيانة كرسيه المتحرك والمحافظة عليه، وكذلك صيانة كراسي أقرانه من أصحاب الهمم.
وتمكّن الرجل وفريق عمله، المؤلف من نائل يسر وحسن يوسف، من إنجاز أعمال الصيانة اللازمة والضرورية لثلاثة كراس متحركة يوميا، بالإضافة إلى صيانة أجهزة طبية ومعدات يستخدمها أقرانهم من ذوي الحاجات الخاصة.