الاحتفاء بالفيلم الهندي “آر آر آر”.. تحفة فنية أم محاولة غربية لتكفير “خطايا الاستعمار”؟

استطاع فيلم الأكشن الهندي “آر آر آر” (RRR) -الذي أنتج في العام 2020- عبور الحدود الثقافية والوصول إلى الغرب، بل والترشح لجائزة الأوسكار، وأثار الكثير من التساؤلات حول مدى استحقاقه لهذه المكانة بالفعل. فهل تأثر الغرب بالثقافات الأخرى وبدأ الأحفاد جهودا للتطهر من آثام استعمار الأجداد الطويل للشرق؟

سلسلة لا تنتهي من الجوائز

تلقى فيلم “آر آر آر” إشادات دولية للإخراج والكتابة والتمثيل من بطليه والموسيقى التصويرية وتصوير مشاهد الحركة وتصميمها والمؤثرات البصرية، واعتبره المجلس الوطني للمراجعة -وهو مؤسسة غير ربحية مقرها نيويورك مهتمة بتقييم الأفلام-، واحدا من أفضل 10 أفلام عام 2022، ليصبح الفيلم الهندي الثالث الذي يُرشح لجائزة “غولدن غلوب” والأول بلغة “تيلوغو” الناطق بها العمل.



“آر آر آر” يعد أول فيلم آسيوي يفوز بجائزة “غولدن غلوب” لأفضل أغنية، وتم ترشيح أغنيته أيضًا لجائزة “أوسكار” مما يجعلها أول أغنية هندية تُرشح لهذه الجائزة، وحاز على جائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية وجائزة أفضل أغنية في حفل توزيع جوائز اختيار النقاد الـ 28.

وتعتبر ميزانية “آر آر آر” الأعلى في السينما الهندية على الإطلاق بواقع 72 مليون دولار أميركي، وذلك للتكلفة الكبيرة لمشاهد الأكشن المتعددة.

يبدأ الفيلم مع خطف فتاة شابة من والدتها، لتصبح المغنية الخاصة لزوجة الحاكم البريطاني. في المشهد التالي يقاتل “شاران” -بطل الفيلم الذي يبحث عن الفتاة- نمرا، كما يظهر الضابط الهندي كومارام بهيم (راما راو) الذي يعمل ضمن صفوف الجيش البريطاني يخترق حشدا من عشرات الآلاف لإسقاط هندي أهان التاج البريطاني خلال وقفة احتجاجية.



وتقدم الأحداث نسخة خيالية لاثنين من الثوار الهنود الحقيقيين هما “تشاران” و”راما راو” وتركز على صداقتهما ومعركتهما ضد الحكم البريطاني، ويظهر بوضوح جانبا الخير والشر، فمن البداية نعرف أن الحكم البريطاني المحتل هو جانب الشر المحض على عكس الشائع عند كثير من الإنجليز بأن استعمارهم كان نوعا من “الاستعمار الخيري”.

ففي أحد المشاهد طالب القائد البريطاني جنوده بعدم تضييع رصاصهم الباهظ على هؤلاء الحثالة ذوي البشرة البنية، فيقتلون والدة الابنة المخطوفة بضربة من غصن شجرة على الرأس لتوفير المال.

لماذا انبهر الغرب؟

منذ طرح للعرض عبر خدمة نتفليكس، حصل فيلم “آر آر آر” على ثناء من نخبة هوليود مثل جيمس غن وداني ديفيتو، بالإضافة إلى المعجبين بجميع أنحاء العالم.

وعندما صدر “آر آر آر” تم وصفه في البداية بأنه “فيلم هندي غير منطقي” وهو ما يمكن فهمه مع العديد من مشاهد الأكشن التي تتحدى المنطق والجاذبية الأرضية، لكن الأمر هنا مختلف، فطبقا للمخرج نفسه، فهو أراد أن يظهر أبطاله كما لو أنهم أكبر من الحياة، ولديهم قوى مثل الأبطال الخارقين.

وفي أعمال أخرى، كان من السهل السخرية من هذه المشاهد غير المعقولة، ولكن صانعها لديهم تبرير قد يكون معقولا، واستخدم الموسيقى لجعل مشاهد الأكشن ملحمية بالفعل وليس فقط بهدف الإثارة.



على سبيل المثال، المشهد الملحمي لشاران وهو يرفع دراجة نارية بيديه، وهو مشهد غريب و”خرافي” لكنه يبدو معقولا لأن المخرج قد أثبت بالفعل “القوة الخارقة” للبطل في مشهده التقديمي عندما قاتل نمرا، وفي هذا المشهد تًعزف الترانيم السنسكريتية لإظهار أن ما يحدث بأنه غير طبيعي بالفعل.

والفيلم أيضا متجذر بقوة في الهند والثقافة الهندية، فقد ابتكر المخرج “سي سي راجامولي” بطلين مفتولي العضلات وسيمين يمكنهما فعل كل شيء في العالم، ويذكران بوضوح بالشخصيات التي قدمها الممثل الأسطوري أميتاب باتشان.

أعاد المخرج إعداد الأبطال الذين كانت الأفلام التجارية الهندية تفتقر إليهم لفترة طويلة، عندما اعتاد البطل أن يسير بين الانفجارات في بداية الفيلم وبعد ذلك يسحر البطلة برقصة.

في حديثه عن الضجة الهائلة، قال المخرج “سي سي راجامولي” لمجلة “إمباير” (Empire) “أنا شخصياً مندهش. الهند لديها جالية ضخمة في جميع أنحاء العالم، واعتقدت أن الفيلم سيكون جيدا أينما كان الجمهور الهندي. لكن بعد ذلك بدأ الاستقبال يأتي من الغربيين. لم أكن أتوقع شيئا من هذا”.

ويضيف المخرج أن جائحة كورونا (كوفيد-19) ربما لعبت دورا في شعبية الفيلم. وقال “عندما أُغلق كل شيء، بدأ العالم كله يبحث في ثقافات مختلفة، واستوعب محتوى من بلدان مختلفة بلغات مختلفة”.

وربما يعود جزء من هذا النجاح إلى تعامل الغرب مع الفيلم على أنه غضب مستحق وانتقام متأخر من الهند تجاه محتليها، أو انبهار يعبر في الحقيقة عن جهل بأصالة السينما الهندية التي يقارب عملها نظيرتها الأميركية ولها انتشار واسع للغاية عالميًا.

فيلم “آر آر آر” عمل محظوظ بوصوله للمشاهدين في الوقت الصحيح، يحمل العديد من المزايا مثل مشاهد الأكشن وأغنيته المميزة، والتي إذا كتب لها الفوز بالأوسكار ستكتب اسم الفيلم بالنور في سجل الجوائز.



administrator

اترك تعليقا