- انتشار, تقنيات الذكاء الاصطناعي, حقوق النشر والتأليف, معركة, مواجهة
- 0 Comments
- 805 Views
بدأ مؤلفون رفع دعاوى لحماية حقوقهم لمواجهة الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم أعمالهم لتوليد محتوى، إلا أنّ معاركهم القضائية لن تكون سهلة، ففي أوروبا وأميركا الشمالية يميل القانون إلى تأييد الذكاء الاصطناعي مع أنّ الوضع قد يتغيّر، وفق قانونيين.
ففي يناير/كانون الثاني الماضي، قدم 3 فنانين في الولايات المتحدة شكوى ضد شركات وأدوات الذكاء الصناعي؛ “ستايبل ديفيوجن” (Stable Diffusion) و”ميدجورني” (Midjourney) و”ديفاينت آرت” (DeviantArt)، في حين اشتكت وكالة التصوير “غيتي” (Getty) ضد أداء “ستايبل ديفيوجن”، التي تحوّل النص إلى صورة توليدية بالذكاء الصناعي.
المعالجة والتلقين
ويحتج المدعون على حق الذكاء الاصطناعي في معالجة مليارات النصوص أو الصور، ما سمح بـ”تلقين” هذه التكنولوجيا لبناء قدراتها، وساعدها على تطوير إمكانياتها بالاستعانة بالنصوص والصور التي تمت معالجتها.
وتتيح مذكرة أوروبية صادرة عام 2019، اعتُمدت في 22 دولة من الاتحاد الأوروبي بينها فرنسا، هذا “الحق في التنقيب عن البيانات”، بما في ذلك المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر، إذا كانت هذه البيانات متاحة للجمهور، إلا إذا اعترض صاحب الحقوق صراحة.
ويقول المحامي شارل بوفييه من شركة “راسين” للمحاماة إن “هذا الاستثناء على حق المؤلف (إذا اعترض صراحة على التنقيب في البيانات) -الذي أُعد خصيصا للسماح بتطوير هذه التقنيات- لم يلاحظه أحد تقريبا”.
المحتوى والأسلوب
يجيز القانون الأميركي التنقيب عن البيانات ضمن ما يسمى بسياسة الاستخدام العادل، وهو ما كرسته دعوى قضائية ضد شركة “غوغل” (Google) مرتبطة بالتحويل الرقمي للكتب، وهي الدعوى التي ربحتها المجموعة الأميركية العملاقة التي تملك أكبر محرك بحث على الإنترنت.
وبالنسبة للمحتوى الذي تم إنشاؤه أو توليده بواسطة الذكاء الصناعي، فإن الوضع القانوني صعب. فهل يمكن تصنيف هذا العمل ضمن خانة عمليات التزييف، خصوصا إذا طلب مستخدم برمجية الذكاء الاصطناعي عملا يحاكي “أسلوب” المؤلف أو يقلد شعارا معينا؟
وفي هذا السياق، لا يعترف القانون الفرنسي والأوروبي، مثل القانون الأميركي، بالتزييف إلا في حالة وجود نسخ من عمل محدد.
لكن، بالنسبة للرسوم والصور، وبخلاف النصوص، فإنه إذا تم التعرف على المصدر بوضوح في الصورة التي أُنشئت، فإن سؤال التزييف يكون مطروحا بشكل واضح.
“التطفل” على الفنانين
وفي أوروبا، يمكن لمفهوم “التطفل” أن يحمي الفنانين الذين تُنسخ أعمالهم بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، فالقانون يعاقب على “نهب” جهود الآخرين.
ويمنح القانون الفرنسي الحق في الحصول على تعويضات إذا ثبت أن عمليات النسخ فوّتت على أصحاب الحقوق أرباحا محتملة كان يمكن أن يجنوها.
وفي هذا السياق، ربحت دور أزياء فاخرة دعاوى في الآونة الأخيرة ضد جهات عاملة في قطاع الموضة بتهمة سرقة عناصر من “عالمها”، وفق المحامي مارك موسيه من شركة “أوغوست دوبوزي” للمحاماة، ويقصد بذلك اقتباس الأسلوب أو أجزاء محدودة.
حقوق الاستخدام التجاري
وأخيرا، هناك مسألة الاستخدام التجاري لهذا المحتوى. لمن يعود هذا الحق في الاستخدام التجاري للنصوص والصور التي يتم توليدها بالذكاء الصناعي؟ وهل يمكن بيع هذه النصوص والصور وحتى الفيديوهات والإفادة من حقوق الطبع والنشر؟
بداية، يعتقد المحامون أن الذكاء الاصطناعي ليس مالكا ولا مؤلفا ولا مسؤولا. ويقول المحامي بيرو “تشير أنظمة الذكاء الاصطناعي في شروطها العامة إلى أن المستخدم وحده هو المسؤول عن طريقة استخدام المحتوى”، لذلك “لا يوجد ما يمنع من تسويقه (ترويجه تجاريا)”.
هل يجب أن يُذكر صراحة أن المحتوى متأتٍ من تقنيات الذكاء الاصطناعي؟ قد يكون هذا هو الحال بهدف إعلام المستهلكين. ويمكن أن تنص مذكرة أوروبية مستقبلية عن الذكاء الاصطناعي على هذا البند المتعلق بالشفافية.
ويبقى موضوع حقوق التأليف والنشر محل جدل، ويحدد القانون الفرنسي والأوروبي أنه لا يمكن الاستفادة من هذا الحق إلا إذا كان العمل المعني أصليا ويعبر عن شخصية المؤلف. و”هذا يعني أن المؤلف شخص طبيعي (حقيقي)”، وفق المحامي شارل بوفييه.
ويؤكد المحامي إريك باربري أنه “سيكون معقدا لمستخدمي الذكاء الاصطناعي أن يقدّموا أنفسهم كمؤلفين بكل معنى الكلمة”.
“مسرح أوبرا الفضاء”
ولم تتخذ أي محكمة في أوروبا قرارا بعد في هذا الشأن، ولكن في الولايات المتحدة، رفض مكتب حقوق الطبع والنشر أخيرا منح أي حقوق نشر لقصص فكاهية أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ويوضح المحامي بيار بيرو أن “هذا هو النهج الذي يمكن أن تتبعه المحاكم الأوروبية. مع تحفظ واحد”. ويستشهد بحالة “مسرح أوبرا الفضاء”، وهي صورة أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي وفازت بالمركز الأول بالفئة الرقمية في مسابقة معرض ولاية كولورادو الفنية في سبتمبر/أيلول الماضي، وقد أمضى منتج الصورة 80 ساعة في تنقيحها للوصول إلى المنتج النهائي.
ويوضح بيرو “يمكننا أن نعتبر في هذه الحالة أن المستخدم كان له دور رئيسي وأن هناك مجالا لحقوق الطبع والنشر”، متحدثا عن الجهود المبذول في “الإشراف والاختيار والتحليل”.
وبالتالي، فإن منتجات الذكاء الاصطناعي ستتبع المسار الذي سلكه التصوير الفوتوغرافي، الذي بقي يُعدّ نتاجا لأداة وليس عملا حتى صدور حكم من محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في عام 2011 اعترف بالمصورين على أنهم أصحاب “خيارات إبداعية”.