- اعتقال, الفلسطيني ليث نصار, عملية حوارة, نابلس
- 0 Comments
- 1659 Views
نابلس- في الشارع نفسه، وعلى بعد أمتار قليلة فقط من موقع هجوم مسلّح نفذه فلسطيني وأدى إلى مقتل مستوطنين اثنين في بلدة حوارة جنوبي نابلس يوم 26 فبراير/شباط الماضي، أصاب الفلسطيني ليث نصَّار عصر الأحد مستوطنا بجروح خطيرة، بعد أن أطلق أكثر من 20 رصاصة من مسافة قريبة نحو سيارته.
وعند ما يعرف بـ”دوار عينبوس” وسط شارع حوارة نفذت عملية الأمس، حيث أطلق المنفذ النار من مسافة صفر تجاه مركبة المستوطن، وأصابه بشكل مباشر في رأسه والمناطق العلوية من جسده، بينما أصيبت زوجته التي كانت برفقته بحالة من الهلع.
وفي روايته للجزيرة نت، يقول ابن البلدة عبد الرحمن ضميدي، ونقلا عن شهود عيان كانوا في المكان، إن نصار تقدّم نحو مركبة المستوطن وأطلق النار وانسحب بعد أن ألقى بندقيته أرضا وهو “ينزف دما، حيث بدا وكأنه مصاب”.
وأوضح ضميدي أن المنفذ ركض أكثر من 200 متر نحو أحياء حوارة الداخلية، ووصل منزلا غير مأهول، بينما انتشر جيش الاحتلال في أكثر من محور وشرع باقتحام الحارات والأزقة بحثا عنه، ليعثر عليه بعد فترة وجيزة ويعتقله وهو مضرج بدمه وملقى أرضا.
استدعاء وتحقيق مع عائلته
وفي اللحظات الأولى بعد اعتقال المنفذ ليث نصّار، سارع ضابط مخابرات إسرائيلي بالاتصال بوالده واستدعائه للتحقيق في نقطة عسكرية قريبة، وهدّده إن لم يأتِ فسيقتحم القرية ويقوم باعتقاله من منزله.
واستدعى ضابط الاحتلال كذلك والدة ليث وشقيقه الأصغر، واحتجزهما لأكثر من ساعة وحقق مع كل واحد بشكل منفرد قبل أن يطلق سراحهما.
ويقول عمّه مشهور نصَّار، إن التحقيق مع شقيقه وعائلته كان يدور حول ليث بشكل عامل وسلوكه وتصرفاته، كما أخبر الضابط الإسرائيلي والد ليث بأن ابنه مصاب برصاص في كتفه وكسر في يده وأن وضعه مستقر. “وربط أي تغيرات تحدث للعائلة ومنزلهم من قبيل هدمه أو عدمه بتطورات حالة المستوطن المصاب في العملية”.
غير نشط سياسيا
وفي قرية مادما القريبة من حوارة جنوبي نابلس، ولد الشاب ليث نديم حافظ نصَّار لعائلة بسيطة، حيث يعمل والده “في الزراعة وفي الداخل المحتل عام 1948” منذ أكثر من 30 سنة.
ودرس ليث في مدارس القرية التي غادرها إلى العمل دون أن يكمل دارسته الجامعية، فاشتغل في الأرض رفقة والده، ثم عمل في قطاع البناء حتى اعتقاله الأحد.
وليث هو الشقيق الأكبر لإخوته، ولديه شقيق أصغر منه و4 شقيقات أخريات. ومنذ 3 أشهر أدى مناسك العمرة، وأظهر تديّنه والتزامه بالصلاة أكثر من قبل.
ويقول عمه للجزيرة نت إنه تعلق بالمسجد أكثر، وكرَّس جزءا كبيرا من وقته لنصح الشباب ودعوتهم للمحافظة على صلاتهم.
وفي داخل القرية لا يُعرف ليث بنشاطه السياسي أو الحزبي، وكان يساهم في حل الخلافات. ويضيف عمه “شكَّل ليث بشخصيته وأخلاقه الطيبة ومحبته بين الناس عامل إصلاح بين أهل بلدته”.
وكغيره من الشباب الفلسطيني، تأثر ليث بما يجري من جرائم قتل يومية ينفذها جنود الاحتلال والمستوطنين، غير أنه لم يبدِ لعائلته أية نية للانتقام أو القيام بعمل فدائي.
وحتى يوم أمس، يضيف عمه، أن والده رآه قبل مغادرته للعمل فجرا، “أما والدته فتناول معها طعام الغداء بشكل طبيعي، ولم تبدُ عليه أية تصرفات غريبة، بل كان طبيعيا جدا كعادته، وظل بالمنزل حتى قبل تنفيذ العملية بساعة أو أكثر بقليل، ويبدو أنه غادر بهدوء لتنفيذ عمليته التي فاجأت العائلة”.
ورغم أن عائلة نصّار تعرضت لاعتقالات ومضايقات كثيرة من الاحتلال الإسرائيلي، فإن ليث لم يسبق أن اعتقل أو استدعي لدى الاحتلال ولم يُقتحم منزله، كما لم يتعرض أي من أفراد أسرته الصغيرة للاعتقال، سوى والده، وكان ذلك في الانتفاضة الأولى في ثمانينيات القرن الماضي، ولـ7 أشهر فقط.
إغلاق حوارة
ومنذ ساعات مساء أمس، تحوَّلت بلدة حوارة، لا سيما شارعها الرئيس إلى ثكنة عسكرية، حيث ضاعف جيش الاحتلال انتشاره في المكان بأكثر من 20 آلية عسكرية وعشرات الجنود، وشدد من إجراءاته العسكرية على الحواجز العسكرية المحيطة بالبلدة وبمدينة نابلس عامة.
وأبلغ جيش الاحتلال الجهات الفلسطينية الرسمية بإغلاق المحال التجارية الواقعة في الشارع الرئيسي لحوارة، التي يزيد عددها على 400 متجر، حتى إشعار آخر. كما أغلقت مدارس القرية منعا لأي احتكاك مع الجيش والمستوطنين.
وشهدت بلدة حوارة أعنف هجمات للمستوطنين وتضمنت إحراق عشرات السيارات والمنازل، بعد العملية الفدائية الأولى التي اتهم الاحتلال عبد الفتاح خروشة بتنفيذها، وقام بمطاردته لأيام قبل اغتياله في مخيم جنين الأسبوع الماضي.
وأمس، قالت مسؤولة وحدة الرصد في بلدية حوارة، رنا أبو هنية، إن منازل ومحلات القرية لم تشهد اعتداءات مباشرة في الساعات الأخيرة. وأضافت للجزيرة نت “ربما حالت الظروف الجوية الشتوية وإجراءات جيش الاحتلال دون أي هجوم، لكن الأهالي استعدوا لأية مواجهة مع المستوطنين”.
ثكنة عسكرية و”فشل أمني”
ورغم اعتقال المنفذ، فإن عملية حوارة الثانية، ووفق محللين ومتابعين للشأن الإسرائيلي، أكدت فشل الاحتلال الأمني ولا سيما في مكان أصبح “ثكنة عسكرية بمعنى الكلمة لجيش الاحتلال”، وعكست قدرة المقاوم الفلسطيني على الوصول لأي مكان.
وإضافة إلى أن التصريحات السياسية الإسرائيلية، وبعكس سابقاتها جاءت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين “مضبوطة” بعد عملية الأحد، وفق ياسر مناع المختص بالشأن الإسرائيلي، خلافا لتلك التي أطلقها مسؤولون إسرائيليون بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي أيد مطالب المستوطنين بمحو بلدة حوارة من الوجود.
وزار مسؤولون عسكريون إسرائيليون، بينهم يهود فوكس قائد جيش الاحتلال بوسط الضفة الغربية، موقع العملية، حيث تم استدعاء 15 سرية عسكرية لحفظ الأمن ومنع تظاهر المستوطنين. وقال مناع إنهم يلمسون آثار تصريحاتهم الشاذة كتلك التي كانت تدعو “لمحو حوارة”.
وفي حين أشاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعملية الشاب ليث نصّار، الذين قالوا إنه “حمل من اسمه نصيبا”. وجاء هجومه بعد أيام قليلة من اغتيال قوات خاصة إسرائيلية 4 فلسطينيين، بينهم نشطاء في المقاومة بمدينة جنين. واحتفى أهالي قرية مادما بمنفذ العملية وأطلقوا الألعاب النارية أمام منزله.