- اقتصاد, البطالة, الحركة التجارية والصناعية, الزلزال, العاملين, شمال سوريا
- 0 Comments
- 1325 Views
يعاني عبود الصبح (28 عاما) من البطالة منذ 15 يوما بعد توقف معمل الحديد الذي يعمل فيه عن الإنتاج بسبب الزلزال الذي ضرب مناطق شمال غربي سوريا.
كان عبود يتلقى أجرا يقدر بـ60 ليرة تركية (نحو 3 دولارات) يوميا، ويعيش منذ 4 سنوات في خيمة بمنطقة كفر دريان في ريف إدلب بالقرب من الحدود السورية التركية بعد تهجيره من بلدته الواقعة جنوب إدلب قبل عدة سنوات.
يشكو عبود من سوء وضعه المعيشي بعد الزلزال، ويقول في حديث للجزيرة نت إن “الحركة التجارية معدومة، لم أتمكن من إيجاد فرصة عمل أخرى، معظم المعامل والمجمعات التجارية متوقفة أو تعمل بشكل جزئي، أخشى أن يطول هذا الأمر”.
وتسبب الزلزال في دمار عدد من المحال التجارية وتضرر الأسواق وتصدع بعضها في شمال سوريا، كذلك لقي عدد من التجار حتفهم تحت الركام، فيما توقفت الورش الصناعية عن العمل بسبب تراجع الطلب أو انشغال أصحابها بعوائلهم المتضررة من الزلزال.
كما توقفت معظم المشاريع المدعومة -خصوصا مشاريع مواد البناء- بعد إرسال معظم آليات المقالع ومشاريع المقاولين لإزالة الركام وانتشال العالقين تحت الأنقاض خلال الأيام الماضية، مما أدى إلى بطالة آلاف الشبان شمال غربي سوريا.
ارتفاع نسبة البطالة
بشار العمور -وهو أحد المقاولين ويعمل مع المنظمات الإنسانية شمال إدلب بالقرب من الحدود مع تركيا- توقف عن العمل منذ السادس من فبراير/شباط الحالي بسبب الزلزال، دون وجود إشعار جديد لبدء العمل.
ويؤكد العمور في حديث للجزيرة نت أنه يشغل معه أكثر من 100 عامل في مواد البناء، وجميعهم أصبحوا عاطلين عن العمل، ومنهم من يطلبون سلفا مالية لإطعام أسرهم، معتبرا أن الأمر إذا طال كثيرا فسوف يسبب كارثة جديدة للفقراء.
وأضاف أن “سعر الإسمنت ارتفع 20 دولارا والحديد 100 دولار من تركيا، وهو ما يؤثر على أصحاب المهن بشكل عام ويمنعهم من العمل، لأن الجانب التركي منع تصدير العديد من المواد بسبب زيادة الطلب عليها داخل البلاد”.
بدورها، أكدت “مجموعة عمل اقتصاد سوريا” حاجة الشمال السوري إلى 10 مليارات دولار لإعادة إعماره مجددا بعد الزلزال “وفق أسس بناء صحيحة”.
من جهته، قدر فريق “منسقو استجابة سوريا” الخسائر المادية الأولية في مناطق شمال غربي سوريا جراء الزلزال بنحو 356 مليون دولار، مرجحا ارتفاع الأرقام لدى إجراء الحسابات الدقيقة وإكمال إحصاء الأضرار المادية.
وأحصى الفريق في تقريره تضرر أكثر من 965 ألف شخص مع إمكانية ازدياد عدد المتضررين إلى نحو 1.3 مليون شخص نتيجة الزيادة الهائلة في عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية الطارئة.
وتحدث التقرير عن وجود نحو 14 ألف منزل غير صالحة للسكن وبحاجة للهدم، وظهور التصدعات في نحو 11 ألف منزل آخر، وتوقع تعافي المنطقة من تبعات الزلزال بنسبة 60% بعد 3 سنوات، والحاجة إلى 5 سنوات للعودة إلى “الوضع الذي كانت عليه قبل الكارثة”.
خسائر عديدة
بدوره، قال الباحث الاقتصادي محمد نبال قلعة جي إن الخسارة الاقتصادية الأولى الناتجة عن الزلزال تشمل الخسائر المباشرة، وهي الناتجة عن تهدم البنية التحتية والأبنية وتلف ما فيها من أجهزة كهربائية وأثاث ومقتنيات أخرى.
وأضاف قلعة جي أن الخسارة الاقتصادية الثانية هي الخسائر غير المباشرة الناتجة عن توقف الأعمال وإغلاق المدارس والجامعات والمصانع وتضرر شبكة التوزيع وتكاليف إيواء المهجرين وتعويض المتضررين، واعتبر أن الخسائر غير المباشرة أكبر من الخسائر المباشرة.
حركة الصناعة والتجارة
وتأثرت الحركة الصناعية والتجارية بشكل ملحوظ جراء الزلزال، حيث توقفت بعض المصانع والورش عن العمل، إما بسبب تهدم أو تصدع المباني أو بسبب نزوح العمال وشبه توقف لشبكة التوزيع.
ويقول قلعة جي “الاقتصاد في مناطق المعارضة السورية هو اقتصاد استهلاكي يعتمد على المساعدات الخارجية وأنشطة الإغاثة، وهذا هو السبب وراء نسبة البطالة المرتفعة، والحل يكمن في توجيه المساعدات الخارجية والدعم الإغاثي نحو أنشطة إنتاجية، كإقامة مصانع للإسمنت والزيوت النباتية والسكر وغيرها من المواد الاستهلاكية بحيث نرفع معدل الاكتفاء الذاتي ونعتمد على أنفسنا ونقلل اعتمادنا على المساعدات الخارجية”.
وتابع “طالما لم تتغير التركيبة الهيكلية للاقتصاد ستبقى المؤشرات الاقتصادية ضعيفة، وسيبقى سكان شمال سوريا تحت رحمة المساعدات الخارجية، وكافة الحلول المطروحة من تقديم دعم غذائي أو مسكن مؤقت أو تعويض مالي ما هي إلا حلول مؤقتة لا تحل المشكلة الاقتصادية القائمة، والحل يكمن في رفع القدرات الإنتاجية وتقليل الاعتماد على الخارج”.