لاقت إقبالا واسعا.. لماذا طرحت مصر صكوكا سيادية إسلامية في هذا التوقيت؟

القاهرة- طرحت مصر صكوكا إسلامية بقيمة 1.5 مليار دولار، بعائد 11%، لتمويل مشروعات استثمارية وتنموية مدرجة في الموازنة العامة.

وتمت تغطية الصكوك بأكثر من 6 مليارات دولار، وهو ما يعادل 4 أضعاف الصكوك المطروحة، مما دفع الحكومة لخفض الفائدة من 11.6% إلى 11%.

ويؤكد خبراء اقتصاديون مصريون أن الصكوك السيادية الإسلامية التي طرحتها القاهرة لأول مرة في تاريخها، ستدعم قدرتها على تحصيل مزيد من النقد الأجنبي، وترد على خفض تصنيفها الائتماني من قبل مؤسسات دولية، فضلا عن تأكيد ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.

وخفضت وكالة “موديز” التصنيف الائتماني لمصر من “بي2” (B2) إلى “بي” (B3) مع نظرة مستقبلية مستقرة، لأول مرة منذ 10 سنوات، بسبب تخوفها من تراجع احتياطيات النقد الأجنبي في البلد.

نجاح مصر في تغطية الطرح

يقول الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، في حديث للجزيرة نت، إن الصكوك الإسلامية تعدّ من الأدوات المالية، لكنها تختلف عن غيرها من الأدوات كونها تطرح وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، من حيث طريقة احتساب العائد والضمانات التي غالبا ما تكون مشروعا يجري تمويله، بينما تكون الصكوك العادية بضمان الحكومة.

وأكد بدرة أن الصكوك الإسلامية تحظى بقبول لدى قطاعات كبيرة من المستثمرين، وخصوصا الخليجيين الذين يستثمرون في الأسواق الغربية وتحديدا في بورصة لندن، مشيرا إلى أن حاملي الصكوك يمكنهم بيعها في أي بورصة مثل غيرها من السندات المقوّمة بالدولار.



واعتبر أن نجاح مصر في تغطية الطرح بهذه الطريقة يعكس نجاح الطرح الذي تعتبره الحكومة المصرية جزءا من خطتها في جمع الأموال خلال الفترة المقبلة، إلى جانب طرح شركات في البورصة والحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.

ويرى بدرة أن تراجع التصنيف الائتماني لمصر ليس استثنائيا لأنه حدث في العديد من الدول، بيد أن مصر تحظى بتسليط الكثير من الأضواء عليها، معربا عن اعتقاده بأن الفترة المقبلة “ستشهد تعديل التصنيف الائتماني لمصر مع حصولها على مزيد من النقد الأجنبي عبر هذه البرامج وغيرها من المصادر، مثل عائدات قناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج”.



ويؤكد بدرة أن هذه الأدوات والبرامج تعزز وضع الاقتصاد المصري واحتياطي النقد الأجنبي. وأشار إلى أن العديد من الدول التي طرحت الصكوك الإسلامية حققت فوائد كبيرة، مثل ماليزيا وإندونيسيا.

ويعد هذا الطرح جزءا من برنامج دولي لإصدارات الصكوك السيادية لمصر لسنوات مقبلة بقيمة 5 مليارات دولار، وتم تسجيله في بورصة لندن يوم 14 فبراير/شباط الجاري.

وحددت الحكومة الفائدة بـ11% تماشيا مع زيادة أسعار الفائدة وتراجع تصنيف مصر الائتماني، وجذب الطرح أكثر من 250 مستثمرا من أميركا أوروبا ودول الخليج وشرق آسيا، وفق ما أعلنه وزير المالية المصري محمد معيط.

وتشير البيانات الحكومية إلى نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال العام الموسم الماضي 2021-2022 بنسبة 71.4% إلى 8.9 مليارات دولار، وهو أعلى معدل نمو خلال آخر 10 أعوام، وفق ما أعلنه رئيس الحكومة مصطفى مدبولي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

طرح الصكوك رد على خفض التصنيف الائتماني

وتعد الصكوك السيادية أوراقا مالية حكومية متساوية القيمة وقابلة للتداول تصدر لمدة محددة لا تتجاوز 30 عاما، وتمثل حصصا شائعة في حقوق منفعة الأصول وفقا لما تحدده نشرة الإصدار.

ويرى الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن مصر سارعت لطرح هذه الصكوك لكي تؤكد ثقة المستثمرين في اقتصادها، ردا على خفض تصنيفها الائتماني، فضلا عن أنها تفتح بابا جديدا لإدخال النقد الأجنبي من أجل تخفيف الضغط على الجنيه.



وقال عبد المطلب للجزيرة نت إن الإصدار سيدعم تجديد الاحتياطيات الأجنبية بعد سداد سندات دولية مستحقة خلال الشهر الجاري بقيمة 1.25 مليار دولار، مشيرا إلى أن الخلاف الوحيد بين هذه الصكوك وغيرها من أدوات الدين يتمثل في أنها بضمان ملكيات عامة للدولة.

وفيما يتعلق بالإقبال الكبير على الطرح، يؤكد عبد المطلب أن ذلك يعود إلى كون فائدته تماثل ضعف الفائدة العالمية، مشيرا إلى أن هذا لا يقلل من مسألة الثقة في إمكانيات الاقتصاد المصري، لأن دولة مثل الأرجنتين تطرح صكوكا بفائدة أعلى ولا تحظى بهذا القبول.

وأشار عبد المطلب إلى أن مصر توقفت عند 1.6 مليار دولار رغم الإقبال الشديد على الصكوك، لأنها لن تتمكن من سداد قيمة العروض التي تلقتها، والبالغة 6 مليارات دولار.

اختلاف التمويل

ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى شاهين -في حديث للجزيرة نت- إن هذه الصكوك تختلف في كون المستثمر يحصل على جزء من الربح أو يتحمل نصيبا من الخسارة، وهي تختص بمساهمة في شركات أو في مشروعات بعينها.

وتتميز هذه الصكوك بأن المستثمرين هم من يمول المشروعات وليس الحكومة، ومن ثم فإنها تضمن لبلد مثل مصر تمويل مشروعات دون تحمل أية مبالغ بالعملة الصعبة، وهي مفيدة جدا من الناحية الاقتصادية، خصوصا أنها تجتذب من يرفضون التعامل بالفوائد الربوية.